
• تحركات اقتصادية مكثّفة لاحتواء الأزمة المعيشية في الجنوب
• اجتماعات رفيعة المستوى مع قيادات مالية لمواجهة الانكماش الاقتصادي
• زيارة ميدانية لمصافي عدن: رسالة رمزية لتفعيل الإنتاج المحلي
• الزبيدي يترأس اجتماعًا للموارد: تعهّدات بتعزيز الإيرادات ومكافحة الفساد
• الشارع الجنوبي يترقب النتائج: وعود كثيرة والرهان على التنفيذ
• النتائج وحدها ستُقنع الناس: الإرادة موجودة، والرهان على الاستمرارية
الأمناء / غازي العلوي :
تعيش العاصمة عدن منذ أيام حالة من الحراك السياسي والاقتصادي المتسارع، تزامنًا مع عودة الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى المدينة، في ظل وضع اقتصادي متأزم وانتظارات شعبية واسعة لما يمكن أن تحمله هذه العودة من تحولات ملموسة على الأرض.
ومنذ لحظة وصوله، كثّف الزُبيدي لقاءاته مع قيادات اقتصادية رفيعة في الحكومة، شملت قيادة البنك المركزي اليمني ووزارة المالية، وذلك في محاولة لإعادة ضبط بوصلة الأداء المالي والنقدي، والتعامل مع الانكماش الاقتصادي الذي انعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين، خاصة في ما يتعلق بارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات الأساسية.
التحركات لم تقتصر على المكاتب والمؤسسات الحكومية، إذ قام الزُبيدي بزيارة ميدانية إلى مصافي عدن، في خطوة رمزية وعملية تسعى إلى إعادة تفعيل واحد من أهم القطاعات الإنتاجية في الجنوب. وخلال الزيارة، استمع إلى شرح مفصل حول التحديات الفنية واللوجستية التي تواجه تشغيل المصفاة، مؤكدًا على ضرورة إعادة تشغيلها بكامل طاقتها، لما لذلك من أثر على تقليص فاتورة استيراد الوقود وتوفير فرص العمل.
كما ترأس الرئيس الزبيدي اجتماعًا هامًا للجنة العليا للموارد، تم خلاله مناقشة سبل تعزيز الإيرادات العامة، ووضع آليات لضمان توريدها بشفافية إلى البنك المركزي، مع التركيز على تحسين أداء الجهات الإيرادية، وفي مقدمتها الجمارك والضرائب، ومكافحة أوجه الفساد والتسرب المالي التي تعيق الاستفادة المثلى من الموارد المحلية.
هذه التحركات، وإن عكست جدية واضحة في التعامل مع الأزمة، إلا أنها لا تزال محل ترقّب وتقييم من قبل الشارع الجنوبي، الذي ينتظر من القيادة الحالية تحوّلاً فعليًا يُحدث فرقًا حقيقيًا في تفاصيل الحياة اليومية، بعيدًا عن الوعود المؤجلة والشعارات المكررة.
المواطنون اليوم لا يطالبون بأكثر من الأساسيات: صرف منتظم للرواتب، استقرار في أسعار السلع، كهرباء لا تنقطع، وخدمات لا تنهار. وهي مطالب مشروعة بعد سنوات من المعاناة، تفاقمت خلالها الأزمات وتراجعت قدرة الناس على تحمّل مزيد من الانهيار.
غير أن الطريق أمام هذه التحركات لن يكون سهلاً. فالمشهد العام لا يزال معقدًا بفعل الانقسامات السياسية، وتشظي القرار، وغياب التنسيق المؤسسي، إضافة إلى الإرث الثقيل الذي خلفته سنوات الحرب والإهمال الإداري. وهذا ما يجعل من مهمة إنعاش الاقتصاد تحديًا حقيقيًا يتطلب إرادة سياسية راسخة، وتعاونًا حقيقيًا بين جميع الأطراف، بعيدًا عن الحسابات الضيقة.
ورغم ذلك، يرى مراقبون أن هذه التحركات تمثل فرصة ينبغي عدم التفريط بها، خاصة إذا ما تُرجمت إلى خطوات تنفيذية واضحة تُشعر الناس بالتغيير، وتُعيد ثقتهم بالقيادة والمؤسسات. فالإرادة موجودة، كما يبدو، لكن التحدي هو في الاستمرارية وتجاوز عراقيل الواقع.
في نهاية المطاف، وحدها النتائج هي التي ستحدد إن كانت هذه العودة بداية حقيقية لانفراج اقتصادي، أم مجرد جولة أخرى من الحراك السياسي لا تختلف عن سابقاتها. والمواطنون، في كل الأحوال، لا يزالون يراقبون.. ويرجون.
