
ما الرسائل التي أرادت إسرائيل إيصالها للحوثيين وإيران من قلب صنعاء؟
كارثة مزدوجة: غارات عنيفة على صنعاء وسيول جارفة تغرق عدن
البريقة تغرق… والسلطات تعلنها منطقة منكوبة
المحافظ لملس بين المتضررين: "لن نترك مواطنينا وحدهم"
35 صاروخاً إسرائيلياً تشعل صنعاء… والسيول تجرف أحياء كاملة في البريقة
"صنعاء تحترق وعدن تغرق"
الأمناء / تقرير – غازي العلوي :
شهدت كلٌّ من صنعاء وعدن خلال يومي السبت والاثنين الماضيين أوضاعاً مأساوية، حيث تداخلت الكوارث العسكرية والبيئية لتزيد من معاناة اليمنيين. ففي حين اشتعلت سماء صنعاء تحت وطأة الغارات الجوية الإسرائيلية، غرقت أحياء واسعة من العاصمة عدن تحت السيول الجارفة التي خلفها المنخفض الجوي.
غارات إسرائيلية غير مسبوقة على صنعاء
تعرضت صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، لهجوم جوي واسع شاركت فيه أكثر من عشر مقاتلات إسرائيلية أطلقت نحو 35 صاروخاً استهدفت مواقع استراتيجية، بينها محطتا الكهرباء الرئيسيتان "العَصَّار" و"الحَزَّاز"، ما أدى إلى انقطاع واسع في التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من صنعاء ومناطق يمنية أخرى. كما طالت الغارات القصر الرئاسي الواقع داخل مجمع عسكري يُعد رمزاً مركزياً لسلطة الحوثيين، إضافة إلى موقع لتخزين الوقود ومحطتي توليد طاقة.
القناة الإسرائيلية 12 ذكرت أن الغارات جاءت رداً على استمرار إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية باتجاه إسرائيل، بينما ربط مراقبون بين تصاعد الضربات وبين التحضيرات الإسرائيلية لعملية عسكرية مرتقبة في غزة.
رسائل إسرائيل للحوثيين وإيران
يرى محللون عسكريون أن الهجوم حمل ثلاث رسائل رئيسية:
1. رد مباشر على الصاروخ الانشطاري "متعدد الرؤوس" الذي أطلقه الحوثيون على إسرائيل للمرة الأولى الجمعة الماضية.
2. رسالة ردع موجهة إلى إيران، مفادها أن إسرائيل قادرة على الضرب في عمق الأراضي اليمنية.
3. تمهيد ميداني يسبق العملية العسكرية على غزة، بهدف تحييد أي تهديدات جانبية.
وقال المحلل العسكري في صحيفة *معاريف، أفي أشكنازي، إن الهجوم أبرز قدرة إسرائيل على تجاوز منظومات الدفاع الجوي الحوثية وضرب رموز القوة الاستراتيجية في صنعاء.
إعلان مشترك لنتنياهو ووزير دفاعه
في خطوة نادرة، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس بياناً مشتركاً عقب متابعة العملية من داخل قاعدة سلاح الجو.
نتنياهو قال: "النظام الحوثي يتعلم درساً قاسياً، وسيدفع ثمناً باهظاً على عدوانه. من يهاجمنا نهاجمه، ومن يخطط لمهاجمتنا نهاجمه أيضاً."*
في حين أكد كاتس: "دمرنا القصر الرئاسي ومحطات الطاقة، وسنواصل فرض حصار جوي وبحري على الحوثيين."
سلاح جديد بيد الحوثيين
وكانت إسرائيل قد كشفت أن الحوثيين استخدموا للمرة الأولى صاروخاً انشطاري الرأس، ينفصل إلى عدة رؤوس حربية فرعية، ما يصعّب من مهمة اعتراضه. خبراء عسكريون ربطوا بين هذا التطور والدعم الإيراني، حيث سبق لطهران أن جربت أنظمة مشابهة في عمليات سابقة.
عدن تغرق والسلطات تعلن البريقة منطقة منكوبة
على الضفة الأخرى من المأساة، اجتاحت سيول جارفة مديرية البريقة غرب عدن، بعد أن تدفقت مياه الأمطار من أودية محافظة لحج، مدمرة عشرات المنازل ومحتجزة العديد من الأسر داخل أحيائها السكنية. الأهالي أكدوا أن السيول تسببت بأضرار بالغة في الممتلكات والمحال التجارية والمركبات، وسط غياب شبه كامل للقدرة على التصدي لها.
إعلان الطوارئ
محافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس أعلن مديرية البريقة "منطقة منكوبة" داعياً المنظمات المحلية والدولية للتدخل العاجل، قائلاً: "الأولوية القصوى الآن لإنقاذ الأرواح وتقديم الإغاثة العاجلة."*
وأكد أن السلطات ستعمل مع الجهات المختصة على توفير حلول عاجلة، ورفع جاهزية فرق الطوارئ والدفاع المدني، مع التركيز على الإيواء والمساعدات الإنسانية.
كارثة غير مسبوقة منذ عقود
الأهالي أشاروا إلى أن السيول التي اجتاحت منطقتي الحسوة وبئر فضل في البريقة تُعد الأولى بهذا الحجم منذ أكثر من 40 عاماً، وأجبرت ما يقارب 90% من السكان على مغادرة منازلهم. وأعاد المواطنون مطالباتهم المتكررة للحكومة بإيجاد حلول جذرية لمشكلات تصريف مياه الأمطار، محذرين من أن غياب المعالجات يترك حياة الآلاف مهددة مع كل موسم أمطار.
جهود إنسانية وميدانية لمحافظ عدن
وسط حجم المأساة، حرص محافظ عدن أحمد حامد لملس على النزول الميداني إلى مديرية البريقة، حيث جابت خطواته الأزقة التي غمرتها المياه والتقى بالأسر المتضررة وجهاً لوجه. مشاهد الأطفال الذين فقدوا مأواهم، والنساء اللواتي يحاولن إنقاذ ما تبقى من ممتلكاتهن، رسمت صورة مؤلمة عن الكارثة الإنسانية التي ضربت عدن.
لملس أكد للمواطنين أن السلطة المحلية تقف إلى جانبهم ولن تتركهم وحدهم في مواجهة الكارثة، مشدداً على أن الأولوية القصوى هي "حماية الأرواح وتقديم الإغاثة العاجلة". وأعلن عن إطلاق خطط لتوفير مأوى مؤقت، وتوزيع مساعدات غذائية وإيوائية عاجلة، إضافة إلى رفع جاهزية فرق الطوارئ والدفاع المدني للتعامل مع أي مستجدات.
وفي رسالة مؤثرة، قال المحافظ: "عدن تمر بواحدة من أصعب لحظاتها، وما حدث في البريقة مأساة إنسانية بكل المقاييس. لكننا سنظل إلى جانب مواطنينا، وسنعمل معاً على تجاوز هذه المحنة، فعدن لا تستحق سوى الحياة والأمان."
كما جدد دعوته للمنظمات الإنسانية والإغاثية، المحلية والدولية، لتكثيف تدخلاتها العاجلة، مؤكداً أن الكارثة كشفت هشاشة البنية التحتية وضرورة وضع حلول استراتيجية طويلة الأمد لمشاكل تصريف السيول والأمطار.
وبينما كانت "النيران تلتهم صنعاء" تحت الغارات، والمياه تغرق عدن تحت السيول، بقي اليمني العادي هو الخاسر الأكبر، يدفع ثمن الحروب والكوارث الطبيعية، في وطن أنهكته الأزمات لكنه ما يزال يتشبث بالأمل.
