
أكد الجيش الإسرائيلي الأحد قصفه منشأة للطاقة يستخدمها الحوثيون، في خطوة تمثل تصعيدا نوعيا في المواجهة، وتهدف إلى قطع شريان حيوي تعتمد عليه الجماعة المدعومة من إيران في مناطق سيطرتها بصنعاء، وذلك بعد أيام من اعتراض صاروخ أطلق من اليمن.
وهذه الضربة الإسرائيلية ليست مجرد رد فعل، بل هي رسالة واضحة تُؤكد على قدرة إسرائيل على الوصول إلى أهداف في العمق اليمني، وتُبرز استمرار التوتر الإقليمي رغم محاولات التهدئة.
وفي خطوة وصفت بالاستراتيجية، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن الجيش "هاجم أهدافا إرهابية في عمق اليمن... مستهدفا بنى تحتية للطاقة" تابعة للحوثيين في منطقة العاصمة صنعاء التي يسيطرون عليها، دون تحديد الموقع بدقة.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله "تعرضت منشآت بنية تحتية للطاقة يستخدمها النظام الحوثي الإرهابي للهجوم، على مسافة تبعد نحو 2000 كيلومتر من إسرائيل".
من جهتها، أفادت قناة المسيرة التابعة للحوثيين نقلا عن الدفاع المدني بأن "عدوانا (أميركيا صهيونيا) استهدف محطة حزيز لتوليد الكهرباء بمديرية سنحان جنوب العاصمة صنعاء".
ولم ترد تقارير فورية عن تسجيل إصابات.
ونقلت قناة المسيرة عن مسؤول حوثي قوله إن فرق الدفاع المدني تمكنت من السيطرة على حريق نتج عن القصف.
ويظهر استهداف البنية التحتية للطاقة ليس عملا عشوائيا، فالكهرباء هي شريان الحياة في أي مجتمع، واستهداف محطة حيوية لتوليدها يعكس استراتيجية تستهدف إضعاف قدرة الحوثيين على الصمود وإدارة مناطقهم الخاضعة لسيطرتهم.
وهذا التكتيك ليس جديدا، ففي مايو الماضي، تعرضت محطة حزيز وعدد من المحطات الأخرى في صنعاء لضربات مماثلة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل. وتؤكد هذه الهجمات المتكررة على نفس المواقع على أنها أهداف استراتيجية في نظر التحالف الذي يقف في وجه الحوثيين.
ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على جنوب إسرائيل، يطلق المتمردون الحوثيون باستمرار صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة باتجاه الدولة العبرية، يتمّ اعتراض معظمها.
كما يشنّ الحوثيون هجمات في البحر الأحمر على سفن تجارية يتّهمونها بالارتباط بإسرائيل، مبررين ذلك بأنها تصبّ في إطار إسنادهم للفلسطينيين في غزة.
وتردّ إسرائيل على هذه الهجمات بضرب مواقع تخضع لسيطرة الحوثيين في اليمن.
والخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أطلق من اليمن. وتبنى الحوثيون لاحقا العملية التي قالوا إنها استهدفت مطار "اللد" بن غوريون.
واستأنف الحوثيون أخيرا هجماتهم في البحر الأحمر، مستهدفين سفنا تجارية يتهمونها بالارتباط بإسرائيل، ووسّعوا عملياتهم لتشمل السفن المرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا، بعدما بدأ البلدان تنفيذ ضربات عسكرية لضمان أمن الممرات المائية في يناير 2024.
وهذه التكتيكات التي يتبعها الحوثيون تثير تساؤلات حول أهدافهم الحقيقية، فبينما يزعمون أن هجماتهم هي دعم للفلسطينيين، فإن استهداف سفن تجارية ليس لها علاقة مباشرة بالصراع في غزة يظهر أن لديهم أجندة أوسع.
وفي مايو، أعلنت واشنطن عن اتفاق مفاجئ مع الحوثيين وافقت بموجبه على وقف حملة القصف ضد الجماعة مقابل إنهاء هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، لكن الحوثيين قالوا إن الاتفاق لم يشمل وقف الهجمات على إسرائيل، مما يؤكد أنهم يستخدمون الصراع في غزة كغطاء لإظهار قوتهم ونفوذهم الإقليمي.
وتؤكد إسرائيل مرارا أنها لن تتسامح مع التهديدات الموجهة إليها من أي جهة، ويمثل القصف الذي استهدف منشأة حزيز للطاقة كأحد أبرز الردود على هجمات الحوثيين.
ولا يقتصر هذا الرد على المواقع العسكرية، بل يمتد ليشمل البنى التحتية، مما يعكس استراتيجية إسرائيلية لضرب نقاط القوة لدى الجماعة اليمنية.
وعلى الرغم من أن الحوثيين تبنوا إطلاق الصاروخ الأخير الذي استهدف مطار "اللد" بن غوريون، فإن فشل الصاروخ في تحقيق هدفه لا يقلل من خطورة التهديد الذي يمثلونه.
وينذر استمرار الحوثيين في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، ورد إسرائيل بضربات عميقة، بمزيد من التصعيد في المنطقة، إذ أن الصراع في غزة تحول إلى شرارة تشعل نيران التوتر في مناطق أخرى، من البحر الأحمر إلى اليمن.
ويظهر أن الحوثيين ليسوا مجرد داعمين للقضية الفلسطينية، بل طرف أساسي في صراع إقليمي أوسع، يستخدمون فيه الدماء الفلسطينية كغطاء لتوسيع نفوذهم.