آخر تحديث :الخميس 04 سبتمبر 2025 - الساعة:23:49:35
اعتقالات الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة تهدد العمل الإغاثي
(الأمناء نت / صحف)

وسط حالة من الرعب يعيشها العاملون لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة حملة الاعتقالات المتواصلة، والتي طالت في موجتها الجديدة نحو 18 موظفاً، حذرت «اليونيسف» من بلوغ مخاطر الجوع والحماية مستويات مثيرة للقلق، مدفوعةً بالنزوح، وانهيار سبل العيش.

وتخشى مصادر ذات علاقة أن تؤدي الاعتقالات الحوثية إلى وقف أنشطة مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية في تلك المناطق اليمنية الخاضعة للجماعة، والتي يوجد بها أكثر من 12.5 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدات.

وأفاد عاملون لدى الأمم المتحدة ومنظمات دولية لـ«الشرق الأوسط» بأنهم يعيشون في أجواء من الرعب بعد الجولة الجديدة من الاعتقالات الحوثية المتواصلة حتى الآن، وخاصة أن العشرات من زملائهم لا يزالون في سجون الجماعة.

وذكر الموظفون الإغاثيون أنهم وُضعوا أمام خيارات صعبة: إما الهروب من مناطق سيطرة الحوثيين بعد أن عجزت الأمم المتحدة عن حمايتهم، وبالتالي فقدان وظائفهم، ومصادر دخلهم في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، أو البقاء في ظل أجواء الرعب الحالية.

 

الغارات الإسرائيلية الأخيرة أفقدت الحوثيين توازنهم (إعلام محلي)

الغارات الإسرائيلية الأخيرة أفقدت الحوثيين توازنهم (إعلام محلي)

 

ورأى ثلاثة من من هؤلاء العاملين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن حملة الاعتقالات التي يشنها الحوثيون بحق العاملين المحليين لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية واتهامهم بالتجسس قد يُراد منهما إبعاد جميع الموظفين الذين لا يدينون بالولاء للجماعة.

ووفق هذه الرواية، فإنه في حال هروب الموظفين الذين يعملون منذ سنوات طويلة لدى تلك المنظمات أو تم اعتقالهم كما حدث مع زملائهم، فستضطر المنظمات الأممية والدولية إلى البحث عن موظفين آخرين، ولن يكون أمامها سوى أتباع الحوثيين، أو الذين سيقبلون الخضوع لتوجهاتهم.

وتخشى المصادر من أن يتكرر نموذج إغلاق الحوثيين للمنظمات غير الحكومية المحلية، حيث مكنهم ذلك من السيطرة والتحكم في إعداد بيانات المستفيدين من المساعدات، وتوزيعها باعتبارهم الشريك المحلي الوحيد الموجود في تلك المناطق.

استنكار للإدانات

وعلى وقع الإدانات الأممية والدولية لاعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين، رد قادة الجماعة المتحالفة مع إيران بالاستنكار والرفض، زاعمين أنهم يلاحقون «خلايا تجسسية» شاركت في جرائم، ومنها جريمة استهداف رئيس حكومتهم ووزرائه الذين قتلوا الأسبوع الماضي في ضربة إسرائيلية.

وادعى الحوثيون في بيان أن حملة الاعتقالات والمداهمات تنسجم مع قيم «الدين الإسلامي الحنيف»، والقوانين الوطنية ذات الصلة، وقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.

 

جانب من تشييع الحوثيين في صنعاء رئيس حكومتهم وأكثر من نصف وزرائه بعد مقتلهم بضربة إسرائيلية (إ.ب.أ)

جانب من تشييع الحوثيين في صنعاء رئيس حكومتهم وأكثر من نصف وزرائه بعد مقتلهم بضربة إسرائيلية (إ.ب.أ)

 

وقالوا إنهم يحترمون اتفاقيات وامتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946، واتفاقية امتيازات وحصانات المنظمات المتخصصة لعام 1947، واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961م، لكنهم جزموا بأن الحصانات «لا تحمي الأنشطة التجسسية ومن يمارسونها، ولا توفر لهم الغطاء القانوني».

وكان المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبرغ أكد أن هذه الاعتقالات، بالإضافة إلى اقتحام مقرات الأمم المتحدة ومصادرة ممتلكاتها، تُعرّض قدرة الأمم المتحدة على العمل في البلاد، وتقديم المساعدة الضرورية لشعبها لخطر جسيم.

ونبّه إلى أن هذه الممارسات تضع جميع موظفي المنظمة الأممية وعملياتها في مواجهة مخاطر جسيمة، وشدد على الالتزام الأساسي باحترام وحماية سلامة موظفي الأمم المتحدة.

صعوبات بالغة

منظمة الأمم المتحدة للطفولة، التي احتجز الحوثيون عدداً من موظفيها بمن فيهم نائبة مدير المكتب في صنعاء، أكدت أن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من صعوبات بالغة نتيجة النزاع المطوّل، والانهيار الاقتصادي، والصدمات المناخية.

ولا يزال الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل الغذاء والرعاية الصحية والتعليم، محدوداً للغاية، لا سيما بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً، بمن في ذلك النساء، والفتيات، والأشخاص ذوو الإعاقة، والمهمشون، واللاجئون، والمهاجرون، والنازحون داخلياً. وفق المنظمة الأممية.

 

الضربات الإسرائيلية حدت من قدرة المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل كبير (رويترز)

الضربات الإسرائيلية حدت من قدرة المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل كبير (رويترز)

 

ونبّهت المنظمة في تقرير وُزع غداة مداهمة الحوثيين لمكتبها أنه خلال هذا العام سيحتاج ما يُقدر بنحو 19.5 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، والحماية. وقد بلغت مخاطر الجوع والحماية مستويات مثيرة للقلق، مدفوعةً بالنزوح، وانهيار سبل العيش.

وقالت إنه من المتوقع أن يحتاج نحو 500 ألف طفل إلى علاج من سوء التغذية الحاد الوخيم، بينما سيفتقر 17.8 مليون شخص إلى الرعاية الصحية الأساسية. وسيؤثر سوء حالة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية على 17.4 مليون شخص، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض المميتة.

ووفق ما جاء في تقرير «اليونيسف»، ستستمر أزمة التعليم في اليمن، حيث يوجد 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، وآلاف الفصول الدراسية متضررة، أو مدمرة. في الوقت نفسه، يحتاج 7.4 مليون طفل بشكل عاجل إلى خدمات الحماية، ويواجهون تهديدات متصاعدة، مثل عمالة الأطفال، والزواج المبكر، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة، والتعرض للألغام.

 

ملايين اليمنيين في مناطق الحوثيين يواجهون مخاطر الجوع والحرمان (إعلام محلي)

ملايين اليمنيين في مناطق الحوثيين يواجهون مخاطر الجوع والحرمان (إعلام محلي)

 

وتهدف خطة الاحتياجات الإنسانية والاستجابة التي وضعتها الأمم المتحدة لهذا العام إلى الوصول لنحو 10.5 مليون من الأشخاص الأكثر ضعفاً بمساعدات منقذة للحياة. ولتحقيق ذلك، يحتاج المجتمع الإنساني إلى 2.47 مليار دولار، ومع ذلك لم يتم تسلم سوى 13.6 في المائة منها.

وناشدت «اليونيسف» وحدها توفير 212 مليون دولار لتقديم مساعدات عاجلة لثمانية ملايين شخص، منهم 5.2 مليون طفل.

وتؤكد الأمم المتحدة أن المساعدات الإنسانية مع أنها لا تزال ضرورية لإنقاذ الأرواح والحفاظ على الكرامة، إلا أنها ليست حلاً مستداماً، وأن الحاجة تستدعي تحركاً عاجلاً لتعزيز السلام، والإنعاش الاقتصادي، والتنمية طويلة الأجل، لتقليل الاعتماد على المساعدات، وبناء قدرة المجتمعات المحلية في جميع أنحاء اليمن على الصمود.


#
#
#
#
#
#

شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل